تُعَرّف السدم بأنها سحب ضخمة من الغبار والغاز تحتل الفراغ بين النجوم، وتساعد على حضانة النجوم الجديدة، ويتكون الغاز فيها بشكل أساسي من الهيدروجين والغازات المتأينة، كما تضيء جميع السدم تقريبًا بضوء النجوم، وكان أول من اكتشفها هو عالم الفلك عبد الرحمن الصوفي في عام 964 مُلاحظًا سحابة صغيرة، فيما بعد اكتشف العلماء الكثير من السدم، ومنها ما يمكن رؤيته بالعين المجردة مثل سديم الجبار، ومنها ما لا يرى إلا بالتلسكوبات، والكثير منها اكتشف بتلسكوب هابل الذي اخترعه أدوين هابل الذي صنف هذه السدم بناءً على أطياف الضوء التي تنتجها.[١]


سديم الجبار

فيما يلي أهم المعلومات حول سديم الجبار:[٢][٣]

  • تعريفه: هو جزء من كوكبة الجبار أو الصياد، وهو واحد من أقدم وأشهر الأبراج الموجودة في السماء، وسديم الجبار الموجود فيه عبارة عن سحابة هائلة من الغبار والغاز الذي يبعد حوالي 1,300 سنة ضوئية عن الأرض، فهو يعتبر الأقرب إليها والأكثر دراسةً كمنطقة تشكل النجوم، حيث اكتشفوا أنه يحتوي على نجم غامض في منتصفه، ويشار إلى أنه يلد آلاف النجوم الأخرى اللامعة شديدة الحرارة الموجودة حول ما يسميه العلماء بالـترابيز (Trapezium)، وهي أربعة نجوم رئيسية في سديم الجبار تتجمع على شكل شبه منحرف يمكن رؤيتها من الأرض بشكل خافت.[٤]
  • سبب تسميته: الجبار أوريون هو ابن بوسايدون في الأساطير اليونانية القديمة، ويملك العديد من القصص حول وضعه بالسماء من قبل الآلهة، منها:
  • هدد أوريون بقتل جميع أنواع الحيوانات على الأرض، ولمنعه قامت الآلهة جايا بإرسال عقرب لسع أوريون وقتله، لكنها ندمت لاحقًا على ذلك، وقامت بوضعه في السماء في الجهة المقابلة لسديم العقرب حتى لا يتأذى مرة أخرى.
  • تزعم القصة الأخرى بأن أوريون يحب الآلهة الجميلة ديانا، لكن شقيقها أوبولو كان كارهًا لهذه العلاقة بسبب غطرسة أوريون؛ فقام بقتله بسهام ديانا بعد خداعها، ثم وضعه بالسماء عقابًا له.
  • اكتشافه: تظهر الأساطير بأن اليونانيين والمصريين القدماء كانوا على علم بوجود سديم الجبار، وبعد اختراع جاليليو لأول التيليسكوبات، واستخدامه في محاولة اكتشاف السماء، عُرِفَ أوريون علميًا ولأول مرة من قبل العالم الإيطالي نيكولاس بيرسيك عام 1580م، حيث رأى سحابةً ضبابيةً ضخمة، لكن لم يتم نشر اكتشافه لسنوات، وخلال هذه السنوات تم اختراع العديد من الأدوات الفلكية التي ساعدت العالم الفرنسي في مجال المذنبات تشارلز ميسييه بوضع سديم الجبار على الخريطة الفلكية واكتشافه رسميًا عام (1730-1817).


نشأة سديم الجبار

قبل وقت طويل من وجود سديم الجبار، أي ما يقرب من 10 إلى 20 مليون سنة، ظهرت مجموعة من النجوم الهائلة وكانت ساخنة جدًا ومضيئة، تنبعث منها الأشعة فوق البنفسجية التي تعمل على نزع الإلكترونات من غاز الهيدروجين الموجود بينها، كما قام هذا الإشعاع بدفع هذه الغازات والأغبرة بين النجوم لتتجمع على شكل فقاعة ضخمة، لكن بسبب انفجارات النجوم المستمرة على شكل مستعرات عظمى اهتزت هذه الفقاعة بقوة وانفجرت هي أيضًا مشكلةً سديم الجبار.[٥]


خصائص سديم الجبار

تؤثر العديد من العوامل الفيزيائية على سديم الجبار ومكوناته؛ مثل منطقة التأين الرئيسي التي تنشأ بسبب الضغط والتسخين وفقد المواد لبعض عناصرها، والغطاء الأمامي الذي يتكون بفعل الأطوال الموجية والإشعاعات والشريط الساطع -وهو منطقة ذات كثافة عالية-، وسرعة السديم أثناء حركته وحركة النجوم، وأخيرًا الضوء المشتت لسديم الجبار بسبب الغبار المتناثر بين النجوم،[٦] وفيما يلي أهم خصائص سديم الجبار:[٣][٢]

  • الحجم: يتراوح قطره بين 30 إلى 40 سنة ضوئية، كما يمكن أن يمتد بسبب ولادة النجوم المستمرة من قلب السديم، وتكون هذه النجوم غير مرتبطة بجاذبية داخله، ومع ذلك لا يزال الجبار يظهر من الأرض على شكل بقعة ضبابية واسعة مع عدد محدود من النجوم.
  • اللون: اكتشف العلماء عدة ألوان تظهر بسبب وجود عناصر كيميائية معينة موجودة بالسديم بعد استخدام الأشعة تحت الحمراء، فاللون البرتقالي يدل على وجود الهيدروجين، والأكسجين يعكس اللون الأخضر، أما الأحمر فهو يدل على وجود عنصر الكبريت.[٧]
  • درجة الحرارة: بالنظر إلى حجمه وكتلته وعدد النجوم الساخنة التي يمتلكها بالإضافة إلى نسبة هائلة من الأشعة فوق البنفسجية؛ فمن الطبيعي أن يملك درجة حرارة مرتفعة، فهو يعتبر من أسخن السدم؛ إذ تصل درجة حرارته إلى ما يقارب 39,982 درجة مئوية.
  • اللمعان: وفقًا للمعايير الفلكية التي اتبعها العلماء؛ فإن لمعان النجوم مرتبط بفتيتها والعمر مرتبط بارتفاع حرارتها، لهذا يعتبر سديم الجبار من ألمع السدم فهو يملك نجومًا شديدة الحرارة ذات أعمار صغيرة.[٨]
  • البعد: يبعد سديم الجبار عن الأرض حوالي 1,300 سنة ضوئية، ويعد سديم الجبار قريبًا نسبيًا؛ إذ يُرى بالعين المجردة في ليلة مظلمة بلا قمر.
  • الكتلة: تسمى كتلة أوريون شبه المنحرفة، وتعادل ما يقارب الأربعين ضعفًا لكتلة الشمس.


أجزاء سديم الجبار

فيما يلي توضيح لبعض أجزاء سديم الجبار:[٩]

  • ميسييه 42: هو سديم انعكاسي منتشر يقع جنوب سديم الجبار، ويعد أحد ألمع السدم في السماء.
  • ميسييه 43: جزء من سديم الجبار لكنه مفصول عنه بفعل حزام من الغبار.
  • ميسييه 78: هو سديم انعكاسي تابع لسديم الجبار يحتوي على نجوم متغيرة لا تزال في طور التكوين يبلغ عددها 45 نجمة.


معلومات أخرى حول سديم الجبار

فيما يلي أهم المعلومات الأخرى حول سديم الجبار:[٩][٢]

  • يمكن رؤية سديم الجبار بعد الابتعاد عن التلوث الضوئي في المدينة خلال شهر يوليو وفي وقت قريب من وقت شروق الشمس من الجانب الشرقي، لكن أفضل وقت لرصد سديم الجبار يكون خلال أشهر الشتاء وبالتحديد في منتصف شهر يناير في منطقة نصف الكرة الأرضية الشمالي، أو أشهر الصيف في منطقة نصف الكرة الأرضية الجنوبي.
  • تعرف المستعرات العظمى بأنها انفجارات عظيمة تحدث للنجوم عندما يكون هناك تغيير على مركز النجم، وهناك متغيرات عديدة منها وصول النجم إلى مرحلة عمرية كبيرة؛ وذلك أدى إلى نفاد الوقود النووي من النجم، وفي مرحلة معينة يصبح غير قادر على تحمل جاذبيته ويؤدي ذلك إلى انفجاره،[١٠] ويعد النجم سيف أحد مكونات السديم، ويرجح أنه سينفجر في المستقبل ليصبح مستعرًا أعظم.
  • يعد نجم رجل الجبار ألمع نجم في سديم الجبار، ويظهر كنجمة واحدة لكنه في الحقيقة يتكون من نظام نجمي كامل.
  • عُرف أوريون باسم الجبار؛ أي "العملاق" في علم الفلك الإسلامي في العصور الوسطى.


المراجع

  1. "What Is a Nebula? ", Space Center Houston.
  2. ^ أ ب ت "What Is the Orion Nebula?", Earth Sky.
  3. ^ أ ب Raymond Shubinski, "Inside the Orion Nebula", Astronomy.
  4. "Orion Nebula Facts and Info", the Planets.
  5. Ken Croswell (24/2/2015), "Massive Orion Nebula’s Origins Uncovered?", Scientific American.
  6. "Structure of the Orion Nebula", IOPSCIENCE.
  7. "Messier 42 (The Orion Nebula)", NASA TV.
  8. "M42/M43, NGC 1976, Orion Nebula", NOIRLAB.
  9. ^ أ ب "Orion Constellation – Facts & Features", The Planets.
  10. "What Is a Supernova?", NASA.