تعد الثقوب السوداء من أغرب الأشياء وأكثرها دهشة في الفضاء الخارجي، نظرًا لكثافتها العالية وجاذبيتها القوية، وقد توقع العالم ألبرت أينشتاين وجود الثقوب السوداء لأول مرة في عام 1916م مع نظريته العامة في النسبية، وقد أطلق مصطلح "الثقب الأسود" عالم الفلك الأمريكي جون ويلر بعد سنواتٍ عدة في عام 1967م، وبعد عقود من معرفة الثقوب السوداء كأجسام نظرية فقط، تم اكتشاف أول ثقب أسود مادي عام 1971م، وفي عام 2019م تم إصدار أول صورة تم تسجيلها للثقب الأسود.[١]


ما هي الثقوب السوداء؟

تُعرَف الثقوب السوداء بأنها مكانٌ في الفضاء له جاذبية عالية، لدرجة أن الضوء لا يمكنه المرور من خلالها، وتعد جاذبيتها بهذه القوة نظرًا للمادة المضغوطة التي تحتويها هذه المساحة الصغيرة، كما يمكن أن تحدث هذه الظاهرة للنجوم المحتضرة التي أوشكت على النهاية، ولكن البشر لا يستطيعون رؤيتها نظرًا لأنها أجسام غير مرئية، ولعدم مرور الضوء خلالها، لكن تساعد التلسكوبات الفضائية المزودة بأدوات خاصة في إيجادها، والمزودة بأدوات خاصة أخرى تسمح لها بملاحظة كيفية تصرف النجوم القريبة من الثقوب السوداء على غرار النجوم الأخرى.[٢]


أنواع الثقوب السوداء

تم تصنيف الثقوب السوداء إلى أربعة أنواع، وفيما يلي توضيح لكل منها:[٣]

  • الثقوب السوداء فائقة الضخامة: وهي أكبر نوع من الثقوب، والتي قد يصل حجمها إلى كمية غير قابلة للقياس من الكتل الشمسية، وتتواجد عادةً في مركز أكبر المجرات في الفضاء.
  • الثقوب السوداء متوسطة الكتلة: يعرف هذا النوع من الثقوب بالفئات الافتراضية، والتي تتراوح كتلتها من مئة إلى مليون كتلة شمسية، وعلى الرغم من تواجد هذا النوع إلا أنه لم يتم إثباته بعد، وهنالك دليل غير مباشر على وجوده تم اعتماده بواسطة استخدام مواقع مختلفة من النجوم المعروفة.
  • الثقوب السوداء النجمية: ويتكون هذا النوع عندما ينهار نجم ضخم، وتتراوح كتلته بين 5 إلى 100 كتلة شمسية، ويمكن ملاحظتها إما على أنها انفجار أشعة جاما، أو انفجار مفرط نوفا، وتسمى الثقوب السوداء التي تنتمي لهذا النوع أيضًا بالانهيارات.
  • الثقوب السوداء الصغيرة أو الثقوب السوداء ميكانيكية الكمية: وقد تم تقديم هذا النوع من الثقوب الحديثة عام 1971م من قبل العالم الفيزيائي والكوني ستيفن هوكينج.


كيف تتكون الثقوب السوداء؟

قد حدد علماء الفلك لغاية هذه اللحظة تكوّن ثلاثة أنواع للثقوب السوداء وهي؛ الثقوب السوداء فائقة الضخامة، والثقوب السوداء متوسطة الكتلة، والثقوب السوداء النجمية، وسنذكر فيما يلي كيف تكون كل نوع من هذه الأنواع كلٍ على حدة:[١]

  • تكون الثقوب السوداء فائقة الضخامة: قد تتكون هذه الثقوب نتيجة اندماج مئات أو آلاف الثقوب السوداء الصغيرة، وقد تتكون من كمية الغاز المسحوبة إليها والمتراكمة بسرعة لتشكل كتلتها الضخمة، وقد تنشأ نتيجة انهيار الكتلة النجمية والتي تشكل مجموعة من النجوم التي تتساقط معًا في آنٍ واحد، كما قد تنشأ من مجموعات كبيرة من المادة المظلمة التي يمكن ملاحظتها من خلال تأثير الجاذبية على الأجسام الأخرى، وبمجرد تشكلها فإنها تجمع الغاز والغبار من حولها مما يتيح لها النمو بأحجام ضخمة نظرًا لأنها تعد مادة وفيرة في مراكز المجرات.
  • تكون الثقوب السوداء متوسطة الكتلة: قد تتكون هذه الثقوب نتيجة اصطدام النجوم في عنقود ضمن تفاعل متسلسل، وتتجمع العديد من هذه الكائنات الحية الدقيقة الناشئة في نفس المنطقة في النهاية معًا في مركز المجرة مكوّنة ثقبًا أسود فائق الضخامة.
  • تكون الثقوب السوداء النجمية: تتكون هذه الثقوب نتيجة لانهيار نجم كبير بعد استمراره بالانضغاط الشديد، وقد يتكون نتيجة لانهيار النجوم الفردية الصغيرة نسبيًا، ولكنها تمتاز بكثافة عالية، وتقدر كتلة ثقب واحد منها بأكثر من ثلاثة أضعاف كتلة الشمس، مما يؤدي إلى قوة جاذبية هائلة تسحب الأشياء من حولها لتحافظ على نموها.


الأجزاء الرئيسية للثقوب السوداء

هناك خمسة أجزاء رئيسية للثقب الأسود وهي:[٣]

  • أفق الحدث: وهي المنطقة المحيطة بالثقب الأسود والتي تكسبها سمةً مميزة، إذ إنها الحدود التي يمكن أن تنتقل فيها المادة، والإشعاع الكهرومغناطيسي فقط إلى كتلة الثقب الأسود ولا يمكنها الفرار لأي مكانٍ آخر.
  • مركز الثقب: أو عين الثقب، وهي المنطقة التي يصبح فيها الانحناء مطلقًا وغير محدود.
  • كرة الفوتون: وهي حدود كروية معدومة السماكة، تتحرك بها الفوتونات عموديًا على الكرة المحاصرة في مدار بيضاوي بالنسبة لشكل الثقب الأسود.
  • الإرغوسفير: وهو الجزء الذي يتيح مساحة لتتحرك فيها الأشياء نتيجة لظاهرة تسمى سحب الإطار، أي أن هذا الجزء محيط بجزء أفق الحدث.
  • المدار الدائري: تدور فيه الجسيمات بثبات على مسافات مختلفة من الجسم المركزي.


أشهر الثقوب السوداء

فيما يلي أكثر الثقوب السوداء شهرة:[٤]

  • الثقب الأسود Cygnus X-1: له كتلة نجمية ومصدر للأشعة السينية، حيث يقع على بعد 6,500 سنة ضوئية عن الأرض، وهو نظام ثنائي يحتوي على نجم أزرق عملاق متغير، ومصدر الأشعة السينية.
  • القوس A*: ويعد من أنواع الثقوب السوداء الهائلة ويقع في قلب مجرة درب التبانة، إذ يحتوي على كتلة تقارب 4 ملايين من كتلة الشمس.
  • ثقب M87: يقع ضمن مجرة بيضوية وتقدر كتلته بـ3.5 مليار كتلة شمسية، ويقع في قلبها، حيث يحاط الثقب الأسود بقرص من مادة شديدة السخونة، وله خاصية نفاثة، كما تتدفق المواد شديدة الحرارة عن الثقب الذي يبعد 5,000 سنة ضوئية من قلب المجرة.
  • ثقب مجرة القنطور: تمتلك هذه المجرة شكلًا حلزونيًا عملاقًا، ونواة نشطة بقوة، تضم ثقبًا أسود تبلغ كتلته 55 مليون كتلة شمسية في قلبه، وتتدفق المواد التي داخله بمسافة تقدر بحوالي نصف سرعة الضوء عبر مليون سنة ضوئية من الفضاء.


أقرب الثقوب السوداء إلى الأرض

فيما يلي أقرب الثقوب السوداء إلى الأرض:[٥]

  • الثقب A0620-00 أو V616 Monocerotis: ويبعد عن الأرض حوالي 3,500 سنة ضوئية.
  • ثقب الدجاجة Cygnus X-1: ويبعد عن الأرض حوالي 6,000 سنة ضوئية.
  • ثقب V404 Cygni: ويبعد عن الأرض حوالي 7,800 سنة ضوئية.
  • ثقب GRO J0422+32: ويبعد عن الأرض حوالي 7,800 سنة ضوئية.
  • ثقب GRO J1655-40: ويبعد عن الأرض حوالي 11,000 سنة ضوئية.
  • الثقب الرامي A* sagittarius: ويبعد عن الأرض حوالي 25,640 سنة ضوئية.
  • الثقب 47 Tuc X9: ويبعد عن الأرض حوالي 17,800 سنة ضوئية.
  • الثقب XTE J1118+480: ويبعد عن الأرض ما بين 5,000 إلى 11,000 سنة ضوئية.
  • الثقب GS2000+25: ويبعد عن الأرض حوالي 8,800 سنة ضوئية.


حقائق مدهشة عن الثقوب السوداء

فيما يلي أبرز الحقائق المتعلقة بالثقوب السوداء:[٦][٧]

  • تم اكتشاف الثقوب السوداء باستخدام الأشعة السينية لعدم رؤيتها بالعين المجردة.
  • تعمل الثقوب السوداء على إبطاء الوقت.
  • تستخدم الثقوب السوداء دائمًا في الخيال العلمي.
  • تنتشر الثقوب السوداء ذات الكتلة النجمية التي يفوق وزنها عشرات المرات كتلة الشمس في جميع أنحاء مجرة درب التبانة، بيد أن الثقوب الهائلة التي تبلغ كتلتها ما بين 100,000 إلى مليارات الكتل الشمسية تقع في مراكز معظم المجرات الكبيرة من بينها مجرتنا.[٨]
  • قد تحتوي مجرة درب التبانة على ثقب أسود، ولكن يعتقد العلماء أنها على بعد سنوات ضوئية من الأرض.
  • تعد الثقوب السوداء النجمية أكثر الثقوب السوداء شيوعًا، وقد تصل كتلتها إلى 20 ضعف كتلة الشمس، وهنالك مجموعة متنوعة منها في جميع أنحاء مجرة درب التبانة.
  • تسحب الثقوب السوداء الفراغ من حولها، وكلما زادت حجم الأجسام التي تسحبها غرقت بطريقة أعمق، ويؤدي هذا الغرق إلى تشويه خطوط الشبكة ولا تبقى مستقيمة بل تصبح منحنية.
  • تعد الثقوب السوداء مصانع لتوليد الطاقة، وتحديدًا بواسطة القرص المحيط بالثقب الأسود "المدار الدائري"، حيث إن المادة الأقرب إلى حد أفق الحدث على الحافة الداخلية ستدور بسرعة أكبر بكثير من المواد الموجودة على الحواف الخارجية للقرص، لأن الجاذبية أقوى بالقرب من أفق الحدث، وبمجرد دوران المادة وتحركها بسرعة كبيرة؛ ترتفع درجات حرارتها لتصل إلى مليارات الدرجات المئوية، التي لها القدرة على تحويل الكتلة من المادة إلى طاقة في شكل يسمى إشعاع الجسم الأسود.

المراجع

  1. ^ أ ب "How black holes are formed", space, Retrieved 8/11/2021. Edited.
  2. "What Is a Black Hole?", nasa, Retrieved 7/11/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "What is a Black Hole?", eartheclipse, Retrieved 7/11/2021. Edited.
  4. "Black Hole Facts", space-facts, Retrieved 8/11/2021. Edited.
  5. "Tour 10 of the Closest Black Holes to Earth", discovermagazine, Retrieved 8/11/2021. Edited.
  6. "10 Fun Facts About Black Holes", umaine, Retrieved 8/11/2021. Edited.
  7. "10 Mind-Blowing Scientific Facts About Black Holes", sciencealert, Retrieved 8/11/2021. Edited.
  8. "What Are Black Holes?", nasa, Retrieved 7/11/2021. Edited.