تعرف السدم (بالإنجليزية: Nebulae) بأنها سحب عملاقة من الغاز والغبار، تمتد هذه السحب على مدى مئات السنين الضوئية، كما تتسم بامتلاكها الكثير من الأشكال المتنوعة، فمنها ما يشبه رأس الحصان، والآخر يشبه الفراشة، وغيرها من مختلف الأشكال والأنماط، ومن الممكن أن تحتوي داخلها على أجزاء من سدم أخرى، ومن الجدير بالذكر أن النجوم تتكون داخل السدم غالبًا.[١]
السديم
تعتبر كلمة سديم لاتينية الأصل، حيث تعني سحابة أو ضباب، والسدم هي جمع كلمة سديم، كما وتعرف السدم بأنها عبارة عن سحبٍ من الغبار والغازاتِ المنتشرة في الفضاء بين النجوم، وقد اعتقد سابقًا بوجود نوعين من السدم: السدم خارج المجرة، المعروفة حاليًا باسم المجرات، والسدم المجرية، الموجودة داخل مجرة واحدة، لكن الآن يعود معنى السديم إلى الوسَطِ البين نجمي بشكل عام.[٢]
بدأت أول الملاحظات المسجلة حول وجود السدم منذ العصور الوسطى، والعصور الكلاسيكية القديمة، وفي عام 964م تم تسجيل ملاحظات حول رؤية سديم حقيقي من قبل عالم الفلك عبد الرحمن الصوفي، حيث وصفها بأنها سحابة صغيرة، وقد ساعد تطور التلسكوبات في القرن السابع عشر العلماء في تسجيل ملاحظات مؤكدة حول سديم الجبار، واستمر اكتشاف السدم من وقتها إلى الآن، وقد استطاع الفلكيون التمييز بينها من خلال أطيافها.[٣]
تركيبة السديم
تنشأ السدم نتيجة تجمع جزيئات الغاز والغبار معًا بفعل الجاذبية في الفضاء بين النجوم، مُشكّلة بذلك سحبًا ضبابية عملاقة، حيث تستمر هذه السدم بالاتساع على مدى سنوات ضوئية، ولغاية ملايين السنين الضوئية؛ لذلك تتسم معظمها بأنها ضخمة، ومن الممكن أن تأخذ السدم من مساحة الفضاء تريليونات الأميال، وبالتالي قد يبلغ قطرها مئات السنين الضوئية.[٤]
كما يساهم الغبار الموجود في هذه السحب بشكل أساسي في امتصاص الإشعاع النجمي، وهو قادر أيضًا على تسخين الغاز في ظروف معينة، وتبريده في ظروف أخرى، وتعد الحالة الفيزيائية للهيدروجين المكوِّن للسدم مهمةً جدًا في تحديد العديد من خصائصها؛ إذ إن هناك سدم ثنائية الهيدروجين يتأين فيها الهيدروجين، ومناطق أحادية الهيدروجين يكون فيها الهيدروجين محايدًا، وتلك التي يكون فيها الغاز على شكل جزيء تسمى سُحبًا جزيئية.[٥]
دور السديم في تشكل النجوم
عندما تبدأ جزيئات الغبار والغاز في التجمّع مع بعضها البعض بفعل الجاذبية، وبمساعدة التصادم فيما بينها، ومع الاستمرار بذلك على مدى عدة سنوات ضوئية، يؤدي جميع ذلك إلى انهيار السديم، حيث يساهم ما حدث في رفع حرارة المادة المتوفرة في المركز؛ بسبب الضغط الناتج عن الجاذبية، فإن جميع ذلك يساعد في تكون النجم الأولي، لكن تشكل النجم يحتاج أن يكون اللب ساخنًا بشكل يناسب عملية إشعال الاندماج، وقد استطاع علماء الفلك فهم دورات حياة النجوم، وكيميائها، والعمليات النووية داخلها بواسطة الملاحظات التفصيلية، والمحاكاة الحاسوبية، كما تمكنوا أيضًا من معرفة التركيب الكيميائي للنجوم، بمساعدة التحليل الطيفي للمادة التي نشأت منها النجوم.[٦]
أنواع السديم
للسديم عدة أنواع كما يلي:[٧]
السديم الإشعاعي (Emission Nebula)
يتميز هذا السديم بلونه الأحمر؛ وذلك نتيجة تواجد الهيدروجين بكثرة، كما يستطيع إنتاج ألوانٍ أخرى مثل اللون الأزرق، والأخضر، من خلال ذرات العناصر الأخرى، ويتكون هذا السديم من غازات ذات درجات حرارة مرتفعة، والذي يساعد على توهج هذا السديم، هو تنشيط النجم للذرات الموجودة في السحب بالأشعة فوق البنفسجية.
السديم العاكس (Reflection Nebula)
يتميز هذا السديم بلونه الأزرق؛ وذلك لأن اللون الأزرق يتشتت بكفاءةٍ أكثر، ولا يقوم هذا السديم بإصدار أشعة كما يحدث بالسديم الإشعاعي، بل يقوم بعكس الطاقة الضوئية القادمة إليه من نجم قريب، أو مجموعة من النجوم.
السديم المظلم (Dark Nebula)
يقوم هذا السديم بحجب الضوء من الأشياء التي توجد خلفه، كما أنه يتشابه مع السديم الانعكاسي في التركيب، ومن أشهر الأمثلة عليه سديم رأس الحصان، وسُمّي بذلك لوجود تلك المنطقة على شكل رأس حصان، حيث تحجب هذه المنطقة الضوء القادم إليها من سديم إشعاعي أكبر بكثير منها يوجد خلفها.
السديم الكوكبي (Planetary Nebula)
سمي بذلك لأنه يشبه الكواكب في شكله الدائري، أما غلافه الخارجي فهو عبارة عن غاز قادم من نجم اقترب من نهاية دورة حياته، ومن الأمثلة عليه السديم الحلقي.
بقايا المستعر الأعظم (Supernova Remnant)
تنهي النجوم حياتها من خلال انفجار هائل، بحيث تنتج عنه مواد تنتشر في الفضاء، منتجةً بذلك سحابة بهذه البقايا تعرف ببقايا الانفجارات النجمية، ويعتبر سديم السرطان أحد الأمثلة على هذا النوع.
أمثلة على السدم
يوجد هنالك العديد من السدم، فيما يلي بعض الأمثلة عليها:[٨]
- سديم الجبار (The Orion Nebula): هو جزء من سحابة عملاقة بين النجوم تعرف باسم مجمع سحابة أوريون الجزيئي، كما يقع هذا السديم أسفل نجوم أوريون الثلاثة، ويبلغ عرض هذا السديم 24 سنة ضوئية، ويضم مئات النجوم حديثة الولادة، والأقزام البنية، ويبعد هذا السديم ما يقارب 1500 سنة ضوئية باتجاه كوكبة الجبار.
- سديم رأس الحصان (The Horsehead Nebula): يصنف بأنه سديم مظلم، يضيء من الخلف من خلال الإشعاع بمساعدة العديد من النجوم الشابة القريبة، وأيضًا يعتبر هذا السديم جزءًا من مجمع سحابة أوريون الجزيئي.
- سديم النسر (The Eagle Nebula): يسمى أيضًا باسم أعمدة الخلق؛ وذلك لأنها تحتوي على موقع يضم مناطق ولادة النجوم التي تختبئ في داخل أعمدة ضخمة من الغاز والغبار، كما يمتد في الفضاء من 100 سنة ضوئية، ويضم الآلاف من النجوم.
- سديم السرطان (The Crab Nebula): هو سديم من نوع بقايا الانفجارات النجمية، وتكوّن نتيجة انفجار نجم تبلغ كتلته ما يقارب 10 أو 11 ضعف كتلة الشمس، ويوجد على بعد 6500 سنة ضوئية من الأرض.
- سديم اللولب المزدوج (Double Helix Nebula): هو سديم نوعه إشعاعي، يبعد ما يقارب 300 سنة ضوئية من مركز المجرة، وسمي بذلك نتيجة تأثير المجال المغناطيسي المتواجد بالقرب من مركز المجرة على المادة الغازية، حيث تعمل خطوط هذا المجال الملتوية، أو الدوارة على لف المادة ليصبح شكلها شبيهًا لجزيء الحمض النووي.[٩]
- سديم رأس القرد (Monkey Head Nebula): هو سديم نوعه إشعاعي، يقع في كوكبة الجبار، وأكثر ما يميز هذا السديم هو ولادة النجوم فيه بشكل سريع نسبيًا.[١٠]
معلومات أخرى عن السديم
يعتقد علماء الفلك أن الشمس سوف تصبح سديمًا بعد ما يقارب 5 مليارات سنة من الآن، كما أنه توجد سدم خارج مجرة درب التبّانة تعرف باسم السُّدم خارج المجرة، وفي عام 1980 توصل الفلكيون بواسطة تلسكوب أنجلو-أسترالي إلى وجود سديم يدعى بوميرانغ، أو سديم القوس.[١١]
المراجع
- ↑ "30 Interesting Nebula Facts You Will Love!", factslegend, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "Nebula", .britannica, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "Nebulae: What Are They And Where Do They Come From?", universetoday, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "Nebula", phenomena, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "Chemical composition and physical processes", britannica, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "How Do Stars Form in Nebulas?", hubblesite, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ Starry Night Nebulae 2019.pdf "Nebulae", sjcoe, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "Nebulae Facts", space-facts, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "10 Most Spectacular Nebulae in the Universe", astronomytrek, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "10 Most Spectacular Nebulae in the Universe", astronomytrek, Retrieved 14/05/2021. Edited.
- ↑ "30 Interesting Nebula Facts You Will Love!", factslegend, Retrieved 14/05/2021. Edited.