يعدّ سطح القمرِ الموطِئ الوحيد الذي تمكّن الإنسان من الحطّ عليه غير كوكبِ الأرض، وهو أكبر الأجسام وأشدها إنارةً في الليلِ، ومنذ آلاف السنين ساهم القمرُ في جعلِ كوكب الأرض بيئةً ملائمةً لمعيشة الإنسان من خلال مساهمته في اتزان المناخ على سطح الأرض، ومساعدة الإنسان على تحديد الأزمنة من خلاله.^[١]

القمر 

يعدّ قمر كوكب الأرض الوحيد خامس أكبر أقمار المجموعة الشمسيّة التي يبلغ عددها أكثر من 200 قمر تدور حول الكواكب، وهو عبارة عن جسم صخريّ سطحه صلب ومليء بالحفر والفوّهات، ورغم أنّ هناك الكثير من الأقمار في السماء، إلا أنّ العلماء يعتمدون كلمة القمر كنايةً عن قمرِ كوكب الأرض، وذلك لأنّ الأرض لا تمتلك إلا قمرًا واحدًا، ولأنّه القمر الوحيد الذي اكتشفه الإنسان قبل أنْ يكتشف العالم جاليليو جاليلي في عام 1610 ميلادي الأقمار الأربعة التي تدور حول كوكب المشتري.^[١]

تكوّن القمر

يرجّح العلماء أنّ القمر تشكل منذ ما يقرب 4.51 مليار سنة، حين اصطدم جسم بحجم كوكب المرّيخ تقريبًا بسطح الأرض، فتطايرت أجزاء من كوكب الأرض، وتجمعت على شكل كتلة من الغبار والصخور بفعل الجاذبية، وشكلت القمر فيما بعد، وتم الاستدلال على ذلك بعد عودة رحلة أبولو التي حملت قطعة من صخور سطح القمر، فوُجِد تشابه كبير بين تركيب صخور سطح القمر وسطح كوكب الأرض، لكنّها لا تتطابق في التركيب بشكل تام، وهذا ما يفسّر تكون الأرض والقمر في زمنين مختلفين.^[٢][٣]

الخصائص الفيزيائية للقمر

• مكوناته والتركيب الكيميائي؛ يتكوّن القمر من ثلاث طبقات، وهي:^[٤]
• النواة: وهي نواة صغيرة الحجم تشكّل فقط ما يساوي 1-2% من كتلة القمر الكلية، ويشكل الحديد معظم كتلتها بسمكٍ يصل إلى 680 كم، لكنّها تحتوي على مواد أخرى مثل الكبريت وغيره.
• الوشاح الصخريّ: وهي طبقة صخرية تحتوي على المغنيسيوم والحديد بشكلٍ أساسي، بسمكٍ يبلغ 1,330 كم، وتحتوي هذه الطبقة على المواد المنصهرة التي تتسرّب إلى السطح عبر مليارات السنين.
• القشرة الخارجية: هي قشرة رقيقة تتميّز بالحفر والفوهات التي حدثت نتيجةً لتصادم الأجرام السماوية بالقمر، ويبلغ متوسط سمكها 70 كم.
• سطحه والتركيب الجيولوجي: يمتاز القمر بأنّه غير مستوي السطح، ويعود ذلك إلى الحفر والفوهات التي تتخلله، وتعتبر فوهة حوض أيتكين القطب الجنوبي أكبر فوهة على سطح القمر، إذ يصل طولها إلى نصف طول الولايات المتحدة الأمريكية؛ أي ما يساوي 2,500 كيلومتر، ويصل عمقها إلى 8 كيلومترات، ولم تطمر هذه الفوهات بسبب عدم وجود تغيرات في حالة الطقس، ويمتاز السطح بتركيب جيولوجيّ مكوّن من الصخور المحطمة التي ألقت بها الفوّهات القمرية إلى السطح، ويتكون هذا الحطام من الأكسجين، والسيليكون، والمغنيسيوم، والحديد، وعناصر الأخرى.^[٥][٤]
• الجاذبية: تمتاز كل الأجسام في الكون التي تمتلك كتلة بمقدار بجاذبية معيّنة، وتصل جاذبية القمر إلى 6\1 قوة جاذبية الأرض، ويفسّر الفرق في الجاذبية بين سطح القمر والأرض لكون كتلته أقل بكثير من كتلة الأرض، فجاذبية الأجسام تتناسب طردًا مع كتلتها، وعكسًا مع مربّع نصف القطر، وتم الاستدلال على ذلك من خلال قياس وزن مركبة أبولو بما تحتويه من معدّات قبل إقلاعها للقمر، وقياس وزنها على سطح القمر.^[٦]
• الغلاف الجوي: رغم أنّ العلماء ينفون وجود غلاف جويّ يحيط بالقمر، إلا أنّهم اكتشفوا مؤخرًا أنّ القمر يمتلك غلافًا جويًا يتكوّن من بعض الغازات الفريدة التي لا يحويها الغلاف الجويّ للأرض أو حتى الزهرة والمريخ، وتحتوي هذه الغازات على عنصري الصوديوم والبوتاسيوم، والتي يفترض العلماء أنّ مصدرها من الشمس، كما يتوقع العلماء وجود عناصر أخرى لكنّها قيد الدراسة بعد، ويتميّز الغلاف الجوي للقمر بضآلة الهواء عند مقارنته مع الغلاف الجوي للأرض.^[٧]
• الكتلة والحجم: تشكّل كتلة القمر فقط ما يقارب 1.2% من كتلة الأرض، أي أن كتلة الأرض تصل إلى 81 ضعفًا من كتلة القمر، وتساوي كتلة القمر7.347 × ²²10 كجم، ويصل حجم القمر إلى 21.9 مليار كيلومتر مربع، ورغم أنّ هذا الحجم يبدو كبيرًا، إلا أنّه في الحقيقة لا يشكّل سوى ما يقارب 2% من حجم كوكب الأرض.^[٨][٩]
• خصائص أخرى: فيما يلي بعض الخصائص الأخرى للقمر:^[١٠][١١]
• وجود الماء: اكتشف العلماء مؤخرًا وجود الماء على سطح القمر، وتحديدًا على فوهة كلافيوس (Clavius) الكبيرة، وتزن ما يقارب 0.3 لتر من الماء في متر مكعب من التربة.
• درجة الحرارة: تصل درجة حرارة القمر في النهار إلى 107 درجات مئوية، أمّا في الليل فهي تنخفض وتصل إلى -153 درجة مئوية.

الخصائص المدارية للقمر

فيما يلي أهم الخصائص المدارية للقمر:^[١٢]

• يدور القمر حول الأرض بمسار بيضوي الشكل، وباتجاه الشرق، في مسار يحاذي الشمس.
• يستغرق دوران القمر بالنسبة للنجوم مدة تسمى بالدورة الفلكية، وتساوي هذه المدة 27.3 يوم.
• ترتبط الأطوار القمرية أو الأشهر القمرية بالدورة القمرية، وهذه المدة تُعنى بدوران القمر حول الأرض بالنسبة للشمس، وتساوي 29 يومًا ونصف.
• يواجه كوكب الأرض جهةً ثابتة من القمر، ويعود السبب إلى أن الأرض والقمر يدوران معًا في نفس السرعة.
• تسمى جهة القمر التي تقابل كوكب الأرض بالجهة القريبة، وتسمى الجهة الأخرى بالجهة البعيدة.

أطوار القمر

يمكن ذكر أطوار القمر الثمانية كما يأتي:^[١٣]

• المحاق: في هذا الطور لا يكون جزء القمر الذي يواجه الأرض مضيئًا، فلا يمكن أنْ يُرى ويكون معتمًا، ويحدث كسوف الشمس في هذا الطور.
• الهلال المتزايد: في هذا الطور يمكن رؤية القمر في مستوى متدنٍ من السماء وبعد غروب الشمس مباشرةً، وتكون الجهة الغربية من القمر مضيئة.
• التربيع المتزايد: يصل القمر لهذا الطور بعد أسبوع من المحاق، ويمكن فيه رؤية نصف سطح القمر القريب مضيئًا.
• الأحدب المتزايد: يصبح القمر مرئيًا في هذا الطور، ويرتفع في منتصف السماء في النهار وتحديدًا وقت الظهيرة.
• البدر: يظهر القمر مضيئًا بشكل كامل، كون الجانب القريب من الأرض يستقبل الأشعة من الشمس، ويظهر عند غروب الشمس مباشرة، ويختفي عند الشروق في اليوم اللاحق، كما يحدث خسوف القمر عادةً في هذا الطور.
• الأحدب المتناقص: يكون شكل القمر في هذا الطور بيضاويًا، ويكون الجانب الغربي منه معتمًا.
• التربيع المتناقص: يكون نصف سطح القمر مضيئًا في هذا الطور، ويمكن أن يُرى في وقتٍ متأخر من الليل وحتى وقت مبكر من الصباح.
• الهلال المتناقص: هو الطور الأخير للقمر قبل أن تعاد دورة القمر، يمكن رؤية جزء قليل من سطح القمر مضيئًا، ويرى فقط في الصباح الباكر.

الرحلات إلى القمر

توالت الرحلات المرسلة إلى سطح القمر، ومن أشهرها:^[١٤]

• رحلة لونا 1: انطلقت نحو القمر في يناير للعام 1959 من الاتحاد السوفيتي، وكانت هذه الرحلة سبّاقة عن غيرها، فقد تمكنت الهوائيات المُرسلة من كسر الجاذبية والتحليق في الفضاء لمسافة تبعد 64,374 كم عن سطح القمر.
• رحلة لونا 2 و3: تم إرسالهما في نفس العام في 1959م، لكنّ الأولى فشلت بسبب التصادم مع الفوهات البركانية، أما الثانية فاعتبرت فاشلة لأنها لم تتمكن إلا من التقاط صور مشوشة وغير واضحة.
• رحلة رانجر: انطلقت ما بين العامين 1961 و1965م، إذ أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية رحلة للفضاء بالتعاون مع ناسا، والتقطت هذه الرحلة صورًا كانت تقدمًا ووسيلةً لفهم القمر بشكل أوضح.
• أبولو11: توالت الرحلات بعد ذلك، لكن أشهرها هي أبولو11 -رحلة نيل أرمسترونغ الأمريكية- التي انطلقت في العشرين من يوليو من عام 1969م، والتي حطّت فيها أول قدم بشرية على سطح القمر.
• رحلات أخرى: من أشهر الرحلات في العصر الحديث هي رحلة اليابان في عام 2007م، ورحلة الهند في عام 2008م، ورحلة الصين في عام 2013م، وتعزم ناسا إطلاق رحلة أبولو إلى القمر بحلول عام 2024 م.

حقائق أخرى عن القمر

فيما يلي بعض الحقائق الأخرى المثيرة عن القمر:^[١]

• تدور حول بعض الأقمار أقمار أخرى صغيرة، إلا أن هذا لا ينطبق على قمر الأرض.
• جلبت رحلات أبولو ما يقارب 382 كيلوجرامًا من صخور القمر، ولا تزال هذه الصخور قيد الدراسة.
• لا يحيط بقمر الأرض أي حلقات.
• يصل عدد الزوار من الأفراد إلى سطح القمر إلى 24 شخصًا، ومشى على سطحه 12 شخصًا منهم.