ما هو أول نيزك سقط على الأرض؟

تعرَّض كوكب الأرض عبر تاريخه لدخول الكثير من الأجسام إليه، منها ما قد اصطدم بسطح الأرض، ومنها ما قد انفجر قرباً من السطح؛ نتيجة لتعرضه لطاقة شديدة أثناء عبوره للغلاف الجوي، ويعد سقوط النيازك عملية طبيعية تشكل تضاريس سطح الأرض، وتعد الغالبية العظمى من النيازك الساقطة أجساماً صغيرةً جداً، لكن توجد بالتأكيد استثناءات ملحوظة لسقوط نيازك هائلة الحجم.^[١]

أقدم نيزك سقط على الأرض

نيزك يارابابا هو أقدم نيزك سقوطاً على كوكب الأرض، تقع فوهته في يارابابا في الجنوب الشرقي لبلدة ميكاثارا غربيَّ أستراليا، تمتد هذه الفوهة على اتساع 70 كم،^[٢] وهي بقايا لتآكل نيزك سقط قديماً على أقدم أجزاء القشرة الأرضية - كراتون ييلغارن (Yilgarn craton)، تم الكشف عنها سنة 2003 م،^[٣] إذ أشارت المعادن في هذه المنطقة لوجود علامات فريدة لسقوط النيزك، لكن لم يتبين العلماء عمر سقوط هذا النيزك حتى يناير سنة 2020 م؛ إذ اعتمدت دراسة حديثة على الساعة الجيولوجية لبلورات المعادن مثل الزركون والمونازيت لتحديد تاريخ سقوطه، ليتبين أنه يعود لـ 2.229 مليار سنة تقريباً، مما يجعله أقدم سقوط نيزكي معروف على سطح الأرض، ومن الجدير بالذكر أن الأدلة الجيولوجية تقترح بأن سقوط هذا النيزك قد أنهى عصراً جليديًا كان يمر فيه كوكب الأرض قديماً.^[٤][٥]

أقدم النيازك التي سقطت على الأرض

سواء أكانت النيازك الساقطة كبيرة أو صغيرة، فهي ما تزال تعد من أشد الكوارث الطبيعية تدميراً؛ إذ تركت بعضها آثاراً تظهر لنا حتى بعد مليارات السنين، مثل:^[٦]

فوهة فريدفورت Vredefort crater

فوهة فريدفورت بقطر 90 كم هي من أقدم الفوهات النيزكية وأكبرها، تقع في جنوب أفريقيا، ويقدر العلماء بأنها كانت في الأصل باتساع 300 كم، تسبب فيها نيزك أكبر حجماً من جبل تيبل في جنوب أفريقيا، وقد سقط قبل 2.02 مليار سنة.^[٧]

فوهة سودبوري Sudbury crater

تقع فوهة سودبوري في أونتاريو في كندا بعرض 130 كم، ويقدر اتساعها الأصلي بـ 260 كم، وقد تسبب فيها اصطدام نيزك وانفجاره قبل 1.85 مليار سنة، وهي مقاربة لفوهة فريدفورت بالحجم والعمر، وقد وُجد بعض الفتات الصخري من النيزك في مينيسوتا على بعد 800 كم.

فوهة بيفرهيد Beaverhead crater

تمتد فوهة بيفرهيد في مونتانا وإيداهو في الولايات المتحدة الأمريكية على قطر يتراوح بين 50 كم و 100 كم، وتشكلت إثر اصطدام نيزك قبل 600 مليون سنة أو أكثر، تم اكتشافه سنة 1989م.^[٨]

فوهة أكرامان Acraman crater

تقع فوهة أكرمان في جنوب أستراليا، وهي فوهة مركبة؛ إذ إنها لا تظهر كحوض مقعر على عمق واحد مثل بقية حفر النيازك، وإنما يظهر باطنها بارتفاعات متعددة تغطي مساحة 90 كم، أحد آثارها بحيرة أكرمان وهي بحيرة ملحية ضحلة صغيرة تقع في المناطق الأسترالية النائية القاحلة، تسبب فيها سقوط نيزك هائل قبل حوالي 590 مليون سنة وينتشر فتاته الصخري على مساحة 150 كم.^[٩]

فوهة مانيكواغان Manicouagan crater

هي فوهة حلقية مملوءة بالماء في كيبيك وتشكل بحيرة مانيكواغان (Manicouagan Reservoir)، أبرز ما يميزها هو شكلها متعدد الحلقات بحلقة خارجية قطرها 100 كم وحلقة داخلية قطرها 70 كم، يتوسطها هضبة كبيرة تشكل جزيرة ريني ليفاسور (René-Levasseur)، يعتقد بأن ما سببها هو سقوط نيزك قطره 5 كم قبل حوالي 215.5 مليون سنة، أي في العصر الثلاثي (Triassic Period).^[١٠]

تاريخ اكتشاف النيازك الساقطة

تعرَّض كوكب الأرض لسقوط العديد من النيازك التي تسببت بدمار شامل، ومعظم الحفر النيزكية قد انمحت بفعل التجوية والتعرية والعمليات الجيولوجية الأخرى، لكن بعضها ترك آثاراً اكتشف منها حتى يومنا هذا 190 فوهة نيزيكة، أبرزها:^[١١]

• نيزك تشيكسولوب: نيزك هائل الحجم اصطدم بسطح كوكب الأرض قبل 65 مليون سنة، تسبب بالقضاء على 75% من أشكال الحياة البرية والبحرية على سطح الأرض منها الديناصورات، ترك فوهة بعرض 300 كم في شبه جزيرة يوكاتان في المكسيك.
• نيزك بارينغر: وهو أصغر النيازك الساقطة، إذ تصل حفرته الواقعة في ولاية أريزونا لعرض كيلومتر واحد، وقد اصطدم بالأرض قبل 50 ألف سنة فقط.
• نيزك تونجوسكا: وهو الحدث الوحيد المشهود في التاريخ الحديث لدخول نيزك ضخم إلى غلاف كوكب الأرض، إذ سقط عام 1908م في سيبيريا في روسيا، ولم يصطدم بالأرض حرفياً لكنه انفجر على بعد أميال فقط من السطح مسبباً اقتلاع الأشجار لمساحة تصل لعدة مئات من الأميال وقتل المئات من حيوانات الرَنّة، لكن لم تسجل أي حالة إصابة للبشر.
• نيزك تشيليابينسك: وهو أحدث حالة لسقوط نيزك لكوكب الأرض، إذ دُهش العالم في عام 2013م بكرة نارية أضاءت سماء تشيليابينك في روسيا، وتبين أنه نيزك بحجم منزل قد دخل الغلاف الجوي لسطح الأرض بسرعة أكثر من 18 كم في الثانية، لينفجر قبالة وصوله لسطح الأرض على بعد 23 كم فقط، متسبباً بموجة طاقة صادمة حطمت زجاج النوافذ وأصابت المباني على اتساع 518 كم مربع، وقد تسببت بإصابة أكثر من 1600 شخص غالباً نتيجة تحطم النوافذ.

أهمية البحث عن النيازك الساقطة على الأرض

تتشكل النيازك عمومًا من الصخور لكنها لا تشبه صخور كوكب الأرض؛ فمعظمها يعود لزمن أقدم حتى من عمر كوكبنا، تتمثل أهمية النيازك الساقطة في كونها العينات الوحيدة المتاحة للدراسة من العوالم الأخرى الموجودة في النظام الشمسي مثل الكواكب والكويكبات والمذنبات، وبعض هذه النيازك قد تُشكّل بالقرب من نجوم أقدم من عمر الشمس، لذلك يعتمد العلماء على النيازك الساقطة ليحصلوا على فهم أوسع حول تاريخ النظام الشمسي من حيث تاريخ نشأته وكيفية تشكل الكواكب والكويكبات، ولدراسة كيفية تأثير سقوط النيازك الضخمة في تبديل مناخ كوكب الأرض وتأثيرها في تطور أشكال الحياة عليه.^[١٢]