يعد علم الفلك أول علم طبيعي في التاريخ يصل إلى مستوى عالٍ من التطور والقدرة التنبوئية، واستُنتِج هذا الأمر من نتائجه في الألفية الأولى قبل الميلاد، يرتكز النجاح الكمي المٌبكر لعلم الفلك، مقارنةً بالعلوم الطبيعية الأخرى على عدة دوافع؛ تمتعه بميزة الاستقرار والبساطة، فالشمس والقمر والكواكب والنجوم تتحرك في أنماط معقدة ولكن بانتظام دقيق، إضافةً لعَدِّه علمًا من علوم الرياضيات عند إخضاعه للمعالجة الرياضية، وبسبب ارتباط علم الفلك بالدين والفلسفة مما ساعده اجتماعيًا دون العلوم الأخرى.[١]


مفهوم علم الفلك

يعرف علم الفلك على أنه دراسة الشمس، والقمر، والنجوم، والكواكب، والمذنبات، والغاز، والمجرات، والغبار، والأجسام، والظواهر غير الأرضية الأخرى، وقد عرفتْ وكالة ناسا بأن علم الفلك هو دراسة النجوم والكواكب والفضاء، وقد ركزَ علم الفلك على ملاحظات الأجرام السماوية، وهو قريب بعض الشيء من الفيزياء الفلكية التي تتضمن دراسة فيزياء الفلك، وتركز على سلوك وخصائص وحركة الأجسام الفلكية، ويتضمن علم الفلك الحديث عن العديد من عناصر وحركات وخصائص هذه الأجسام.[٢]


وظائف وأهمية علم الفلك

هناك العديد من المهام التي يقوم بها علم الفلك، والعديد من الفوائد التي تنشأ عنه نذكر بعضًا منها كما يلي:[٣][٤]

  • تزويد البشرية بالمزيد من المعرفة عن الكون.
  • يساعد علم الفلك على التطورات التكنولوجية الحديثة المهمة في حياة الإنسان؛ كالتصوير الطبي، والإنترنت اللاسلكي، فهو أساس التقدم التكنولوجي عبر التاريخ، ويملك الكثير ليقدمه لمستقبل البشرية، عدا عن إعطائه لشعور لا مثيل له لدى الإنسان بهذه الكون الضخم والواسع.
  • يركز علم الفلك على ثلاثة مجالات رئيسية وهي؛ التكنولوجيا والمهارات، العلم والبحث، والثقافة والمجتمع.
  • يُساهم علم الفلك في التكنولوجيا والاقتصاد والمجتمع، من خلال الدفع المستمر للوسائل والعمليات والبرامج التي تتجاوز القدرة الحالية.
  • يُنتج التطور العلمي والتكنولوجي في علم الفلك، وخاصةً في مجالين الإلكترونيات والبصريات اللذان يعدان من ضروريات الحياة البشرية؛ كالتطبيقات الحاسوبية الشخصية، وأقمار الاتصالات، والهواتف المفتوحة، وأنظمة تحديد المواقع العالمية، والألواح الشمسية وأجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي.
  • تم استخدام علم الفلك لتقدير الوقت، وتحديد الفصول، والتنقل في المحيطات ذات المساحات الشاسعة.
  • يحافظ علم الفلك على الجنس البشري، فمن الضروري دراسة تأثير الشمس على مناخ الأرض، وكيفية تأثيرها الطقس ومستويات المياه وغيرها من الأمور الأساسية لاستمرار الجنس البشري.
  • يساعد علم الفلك الذي يتضمن رسم خرائط لحركة جميع الكائنات في النظام الشمسي، في التنبؤ بالتهديدات المتوقعة من الفضاء على كوكب الأرض، فهذه الأمور تساهم في تغييرات كبيرة في هذا العالم.
  • تُستخدم أرصاد النجوم ونماذج الغلاف الجوي النجمية للتمييز بين أعمدة الصواريخ والأجسام الكونية.
  • تُستخدم أرصاد التوزيعات النجمية في السماء، والتي تُستخدم لتوجيه التلسكوبات ومعايرتها، في مجال هندسة الطيران.
  • تعتمد أقمار نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) على الأجسام الفلكية، مثل الكوازارات والمجرات البعيدة ، لتحديد المواقع بدقة.
  • تتم مراقبة اندماج البلازما والذي يوصف بحالته المقبولة عند اندماج نواتان ذريتان خفيفتان لتشكيل نواة أثقل، والذي يمكن السيطرة عليه للحصول على طاقة آمنة ونظيفة، من خلال وسائل التكنولوجيا المصممة لتصوير الأشعة السينية في تلسكوبات الأشعة السينية.
  • يمكن أن تساهم الأساليب الفلكية في إيجاد أنواع جديدة من الوقود الأحفوري، ولتقدير إمكانية وجود مصادر جديدة للطاقة المتجددة.
  • صور العلماء المختصين بعلم الفلك الراديوي طريقة تستعمل كوسيلة غير جراحية للكشف عن الأورام، والتي تتيح معدل اكتشاف إيجابي حقيقي بنسبة 96 ٪ في مرضى سرطان الثدي.
  • طورت وكالة ناسا المختصة بعلم الفلك؛ الماسح الضوئي ذو الأشعة السينية المنخفضة، والذي يتم استخدامه في جراحة العيادات الخارجية، والإصابات الرياضية، وتم استخدامه للكشف عن تلوث بعض حبوب الأدوية.
  • تساعد البرامج المُعالجة لصور الأقمار الصناعية المأخوذة من الفضاء، الباحثين الطبيين في إنشاء طريقة بسيطة لإجراء فحص واسع الحدود لمرض الزهايمر.
  • تساعد التطورات الحاصلة في علم الفلك خبراء الفضاء في اكتشافاتٍ متغيرة باستمرار، إضافةً لاستكشاف الكواكب القريبة والنجوم البعيدة والمجرات المختلفة بالتعاون مع مجالات علمية أخرى.
  • يعد علم الفلك أمرًا هامًا في حياتنا اليومية، فهنالك العديد من الأمور التي يواجهها البشر يوميًا مشتقة من تقنيات فلكية، كالشبكة اللاسلكية، والأشعة السينية المستخدمة في المطارات، ومقياس طيف أشعة غاما في الأصل لتحليل التربة القمرية لاستكشاف الضعف الهيكلي للمباني التاريخية أو للبحث خلف الفسيفساء الهشة دون أن يتم خرابها، وتعد جميع المشاهد التكنولوجية الدقيقة في الحياة اليومية قد قُدمت من قبل علم الفلك.[٣]
  • يساهم علم الفلك مساهمةً كبير في مجال الطب، إذّ يساهم البحث الفلكي في عالم الطب بتطوير مناطق معقمة تمنع الغبار أو أي عوالق تلصق وتعيق الرؤية في الأدوات الموجودة في التلسكوبات والتي تستخدم في علم الفلك، إضافةً لاستخدام البصريات التكيفية المستخدمة في علم الفلك لتصوير الشبكية عند المرضى الأحياء لدراسة أمراض مثل الضمور البقعي والتهاب الشبكية الصباغي في مراحلها المبكرة.[٣]


فروع علم الفلك

علم الفلك النظري

فيما يلي بعض المعلومات المتعلقة بعلم الفلك النظري:[٥]

  • يتم تطوير علم الفلك في هذا الفرع من خلال العمل النظري، ومن أحدث بيانات الرصد؛ تتم محاولة استخراج جوهر مختلف الظواهر الفلكية المعقدة.
  • تستخدم الأوراق والأقلام وأجهزة الحواسيب أثناء إجراء الأبحاث في هذا الفرع من علم الفلك.
  • قد يتطلب هذا العلم بين الحين والآخر التلسكوب لإثبات نظرية.
  • تتنوع الأجسام التي يتناولها هذا الفرع؛ كالأقمار، والكواكب، والنجوم، والبلازما الفضائية، والمجرات، وعناقيد المجرات، ونواة المجرات النشطة، والتركيبات الكبيرة للكون، والكون نفسه.
  • يعتمد هذا الفرع من فروع علم الفلك على المحاكاة العددية، إذ تساعد على التحقيق في الظواهر الفلكية بالتفصيل، وتتم باستخدام أحدث الحواسيب في العالم.


علم الفلك غير النظري (الرصدي)

فيما يلي بعض المعلومات المتعلقة به:[٦][٧]

  • يعتمد هذا الفرع من علم الفلك على الملاحظة والمراقبة والمشاهدة.
  • تتضمن مجموعة علم الفلك الرصدي ملاحظات متعددة الأطوال الموجية باستخدام تلسكوبات أرضية، وتلسكوبات فضائية، للحصول على بيانات من أشعة جاما والأشعة السينية والأشعة فوق البنفسجية والبصرية، وأطوال موجات الأشعة تحت الحمراء.
  • يتضمن علم الفلك مجموعة متعددة من عناصر الرصد، بدافع استخراج المعلومات الكمية المتعلقة بالخصائص الأساسية للأنظمة الفيزيائية الفلكية.
  • يستخدم على الفرع من علم الفلك برامج مراقبة روتينية بين التحليل الطيفي والتصوير، للوصول إلى البيانات الأساسية عن الأجسام الفلكية الهامة، إذّ تنتج الصور خرائط الكثافة، وعند الحصول عليها.
  • يتم الحصول المعلومات باستخدام مرشحات النطاق العريض، فإنها تؤدي إلى مقاييس أساسية لتغيير مصدر النقطة وتوزيعات الطاقة الطيفية، بينما تنتج الأجسام الممتدة توزيعات كثافة وخصائص المادة الباريونية.


الحقول الفرعية لعلم الفلك

هنالك أربعة مجالات فرعية لعلم الفلك ندرجها كالآتي بتعريف بسيط عنها وفيما تختص:[٨]

  • الفيزياء الفلكية: ظهرت الفيزياء الفلكية على أنها تخصصٌ علمي في أوروبا، في منتصف القرن التاسع عشر، وتركز الفيزياء الفلكية على رصد وتسجيل البيانات باستخدام التلسكوبات وغيرها من المعدات الفلكية لمراقبة الأجرام السماوية، إضافةً للفيزياء الفلكية النظرية المختصة بإنشاء نماذج نظرية ومعرفة آثار وعواقب تلك النماذج، وتعد فرع من فروع علم الفلك الذي يطبق قوانين الفيزياء لشرح ولادة وحياة وموت الأشياء في الكون، وترتبط ارتباطًا وثيقًا مع علم الفلك وعلم الكونيات.
  • قياس الفلك: يركز هذا المجال على القياس الدقيق لمكان تواجد النجوم والأجرام السماوية الأخرى وتحركها في الفضاء، وهي أقدم طريقة علمية مستخدمة لرسم خرائط واكتشاف مواقع وحركات الكواكب خارج المجموعة الشمسية، يمكن أن تحصل القياسات الفلكية على معلومات هامة للغاية عن حركات وأصل النظام الشمسي ودرب التبانة، إضافةً لتحديد توزيع المادة المظلمة في المجرة.
  • علم الفلك (جيولوجيا الكواكب\ الجيولوجيا الخارجية): وهو العلم الأصلي لعلوم الأرض، ويتشابهه معها لحد كبير، ولكنه مختص بالأجسام الأخرى في النظام الشمسي، يركز هذا المجال على الصخور والتضاريس الخاصة بالكواكب وأقمارها وكويكباتها ومذنباتها ونيازكها، ويبحث في البنية الداخلية للكواكب الأرضية، إضافةً لمراقبة البراكين وتدفقات الحمم البركانية وحفر الصدمة والصدع الوديان ونشاط الرياح على هذه الكواكب، يساعد هذا المجال العلماء في فهم تطور الأرض بشكل أفضل مقارنة مع جيرانها في النظام الشمسي.
  • علم الأحياء الفلكي: يبحث هذه المجال في الحياة الخارجية للأرض، ويعد دراسة تبحث في أصل الحياة وتطورها وتوزيعها ومستقبلها في الكون، ويبحث برنامج البيولوجيا الفلكية الحالي التابع لوكالة ناسا أجوبة لثلاثة أسئلة رئيسية وهي؛ كيف تبدأ الحياة وتتطور؟ هل توجد حياة خارج الأرض، وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يمكننا اكتشافها؟ ما هو مستقبل الحياة على الأرض وفي الكون؟، وهذا العلم هو مجال مبتدئ متطور تطورًا كبيرًا في نشأته.


الفرق بين علم الفلك وعلم التنجيم

فيما يلي بعض الفروقات بين علمي الفلك والتنجيم:[٩][٤]

  • يوجد العديد من الجذور المشتركة بين هذين العلمين، ولكن تعد العناصر المتناولة في دراسة كلا العلمين هي الفارق الرئيسي بينهما؛ فعلم الفلك يدرس الكون ومحتوياته خارج الغلاف الجوي للأرض ويتناول علماؤه مواضع وحركات وخصائص الأجرام السماوية، بينما يسعى علم التنجيم لدراسة كيفية تأثير تلك المواقف والحركات والخصائص على الأشخاص والأحداث على الأرض.
  • يقتدى بعلم الفلك بعدِّه تقريرًا منطقيًا ودليلًا علميًا لتأكيد الفرضيات المتعلقة بالكون وفي بدايته، أمّا علم التنجيم فيعتمد على رسم مخططات النجوم والبحث على أدلة ذاتية لتنبؤاتهم حول حياة الفرد والأساليب المتبعة في تعاملهم.
  • يضم علم التنجيم أساليب البحث العلمية؛ كاستخدام بعض مجالات الرياضيات ومخططات معقدة ومصطلحات محددة، ولكن دون اتباع منهج منطقي، بل يقدرون بعض الاحتمالات التي تدرس بدقة ويمكن التحكم بها، على غرار علم الفلك الذي يجري وِفق أساسيات واضحة ثابتة ومنطقية.
  • هنالك إشكالية بشأن عدّ علم التنجيم علمًا حقيقيًا، بسبب الأفكار المحورية الخاصة به والمستنبطة من مجالات لا تعتمد على المنطق، ولكنه يضم بعض عناصر العلم الحقيقي كالرياضيات والرسوم البياني، ولكنها تعتمد أيضًا على المزاعم التي تدور حول إستراتيجيات الطاقة كاليوجا وفينج شوي وهي لا تنتسب لأي تفكير منطقي، ولكن علم الفلك هو علم حقيقي ملموس يقوم بدوره في تطوير العالم والكون من خلال فهم البشرية لتفاصيل المجرات.

المراجع

  1. "History Of Astronomy", britannica, Retrieved 1/5/2021. Edited.
  2. Nola Taylor Redd , "What is Astronomy? Definition & History", space, Retrieved 1/5/2021. Edited.
  3. ^ أ ب ت "Astronomy in Everyday Life", iau, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  4. ^ أ ب Nellie English (17/2/2020), "Astronomy versus Astrology", underluckystars, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  5. "Division of Theoretical Astronomy", nao, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  6. "Observational Astronomy and Astrophysics", lsu, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  7. "Observational Astronomy", wisc, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  8. "What are the sub-fields of Astronomy?", careerexplorer, Retrieved 2/5/2021. Edited.
  9. MARIA TEMMING (14/2/2014), "ASTROLOGY VS ASTRONOMY: WHAT'S THE DIFFERENCE?", skyandtelescope, Retrieved 2/5/2021. Edited.